نور الهدي عضو نشط
عدد الرسائل : 79 العمر : 40 تاريخ التسجيل : 09/02/2007
| موضوع: هل العزة والنصرة في الدنيا الأحد فبراير 11, 2007 11:09 pm | |
| الإنسان قد يسمع ويرى ما يصيب كثيًرا من أهل الإيمان في الدنيا من المصائب، وما ينال كثيرًا من الكفار، والفجار، والظلمة في الدنيا من الرياسة، والمال، وغير ذلك، فيعتقد أن النعيم في الدنيا لا يكون إلا للكفار والفجار، وأن المؤمنين حظهم من النعيم في الدنيا قليل.
وكذلك قد يعتقد أن العزة والنصرة في الدنيا تستقر للكفار والمنافقين على المؤمنين، فإذا سمع قوله تعالى:{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ[8]}[سورة المنافقون] وقوله:{وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ[173]}[سورة الصافات]. وقوله:{ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ[21]}[سورة المجادلة] . وقوله:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[سورة الأعراف،آية:128، سورة القصص آية:83]. ونحو هذه الآيات. وهو ممن يصدق بالقرآن حمل ذلك على أن حصوله في الدار الآخرة فقط، وقال: أما الدنيا فإنا نرى الكفار والمنافقين يغلبون فيها، ويظهرون ويكون لهم النصر والظفر، والقرآن لا يرد بخلاف الحس.
ويعتمد على هذا الظن إذا أديل عليه عدو من جنس الكفار، والمنافقين، أو الفجرة الظالمين، وهو عند نفسه من أهل الإيمان والتقوى، فيرى أن صاحب الباطل قد علا على صاحب الحق، فيقول: أنا على الحق وأنا مغلوب، فصاحب الحق في هذه الدنيا مغلوب مقهور والدولة فيها للباطل .
فإذا ذكر بما وعده الله من حسن العاقبة للمتقين والمؤمنين؛ قال: هذا في الآخرة فقط .
وإذا قيل له: كيف يفعل الله هذا بأوليائه، وأحبائه، وأهل الحق؟
فإن كان ممن لا يعلل أفعال الله بالحكم والمصالح؛ قال: يفعل الله في ملكه ما يشاء ويحكم ما يريد:{ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[23]}[سورة الأنبياء].
وإن كان ممن يعلل الأفعال، قال: فعل بهم هذا ليعرضهم بالصبر عليه لثواب الآخرة، وعلو الدرجات، وتوفية الأجر بغير حساب.
ولكل أحد مع نفسه في هذا المقام مباحثات، وإيرادات، وإشكالات، وأجوبة؛ بحسب حاصله وبضاعته من المعرفة بالله، وأسمائه وصفاته، وحكمته، والجهل بذلك، فالقلوب تغلي بما فيها كالقدر إذا استجمعت غليانًا فلقد بلغنا وشاهدنا من كثير من هؤلاء من التظلم للرب تعالى واتهامه ما لا يصدر إلا من عدو، وأنت تشاهد كثيرًا من الناس إذا أصابه نوع من البلاء يقول: يا ربي ما كان ذنبي حتى فعلت بي هذا. وقال لي غير واحد: إذا تبت إليه، وأنبت، وعملت صالحًا؛ ضيق عليّ رزقي، ونكد عليّ معيشتي، وإذا رجعت إلى معصيته، وأعطيت نفسي مرادها؛ جاءني الرزق والعون.. ونحو هذا.
فقلت لبعضهم: هذا امتحان منه؛ ليرى صدقك وصبرك: هل أنت صادق في مجيئك إليه، وإقبالك عليه، فتصبر على بلائه، فتكون لك العاقبة، أم أنت كاذب، فترجع على عقبك | |
|