هيا...لتكوني أكثر إيجابية
عمرو خالد
لماذاالحديث عن المرأة الإيجابية؟..
أن المرأة طاقة عظيمة، وقوة كبيرة في الخير أوفي الشر.. إن استغلت في الخير أصبحت محضناً يربي الأجيال ويخرّج الأبطال، فهي مدرسةإيمانية
كما قال حافظ:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيبالأعراق
فهي مدرسة إن أُعدت لمهمتها..وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معولهدم للأمة وباب فتنةٍ كبرى ومصيبةٍ عظمى..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ماتركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء] رواه البخاري..
حاجة الأمة إلى جهودنسائها.. وتكاتفها مع الرجال لتكوين الأمة المسلمة القوية.. والنساء شقائق للرجال" و ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ﴾…" فللنساء دور في بناء المجتمع والأسرة لابد من تفعيله.. ليس دورالمرأة مقتصراً على الإرضاع والطبخ.. بل هناك دور أهم من ذلك وأعظم وهو تربية النشءونشر الخير والمشاركة في بناء الأسرة المسلمة المتكاملة..
صور من إيجابيةالمرأة
المرأة الإيجابية طالبة للعلم حريصة عليه.. ذلك لأنها تعلم أنه حياةالقلوب، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمالُ والأحوال، وهوالحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، به يُعرف الله ويُعبد, به تعرف الشرائعوالأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام،.. وهو إمام والعمل مأموم، وهو قائد، والعملتابع..
فالمرأة الإيجابية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادةمنه تدعو بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِيعِلْمًا﴾..
والمرأة الإيجابية ذات لسان سؤول لا يمنعها حياؤها عن تعلم شيءتجهله، وقد أثنت عائشة رضي الله عنها على نساء الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أنيتفقهن في الدين، فطالما سألن عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة.. ولولا خشية الإطالة لأوردت الأحاديث وسؤالاتهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمورهن الخاصة والعامة.
وهذه عائشة رضي الله عنها كانت تراجع النبي صلى اللهعليه وسلم في أمور لم تعرفها.. قال ابن أبي مليكة إن عائشة كانت لا تسمعُ شيئاً لاتعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [منْ حُوسبعُذِّب] قالت عائشة فقلت: أو ليس يقول الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًايَسِيرًا﴾ فقال: [إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك] رواهالبخاري.
إن كتب التراجم والتأريخ قد حفظت لنا أخبار كثير من النساءالإيجابيات في مجال العلم، ومن هؤلاء: معلمة أمير الحفاظ: الحافظ ابن حجر رحمه اللهكان إذا ذكر أخته ستّ الركب -اسمُها ستُ الركب- قال: هي أمي بعد أمي.. فقد ربتهوحدبت عليه وعلمته..
كما أن الحافظ بن حجر قد تعلم على جماعةٍ من النساء يشارإليهن بالبنان في العلم حتى إن الحافظ رحمه الله قد قرأ على نيف وخمسين امرأة.. كلهن شيوخه في العلم.. فمنهن: فاطمة الدمشقية أم الحسن.. وكذلك في مشايخه فاطمة بنتمحمد بن عبد الهادي المقدسية أم يوسف, قال ابن حجر رحمه الله: ونعم الشيخة كانت.. وكذلك خديجة بنت إبراهيم وسارة بنت تقي الدين علي السبكي. وأكثر من الحافظ ابن حجرشيوخاً من النساء الحافظ بن عساكر رحمه الله.. فقد ذكر شيوخه من النساء فكنّ بضعاًوثمانين شيخة.. و ست الركب بالمناسبة ماتت ولم تبلغ الثامنة والعشرين من عمرها.. ولكن الإيجابية ترفع صاحبها وتعلي منزلته في الدنيا والآخرة. ويكفيها فخراً أن منتلاميذها الحافظ ابن حجر رحمه الله..
المرأة الإيجابية تدرك أن العمل لهذاالدين مسئولية الجميع ذكرهم وأنثاهم ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْأَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ فلميخص الحق عز وجل واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الرجال دون النساء. وهذا ماتدركه المرأة الإيجابية, ولذلك فهي تستشعر مسئولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر والدعوة إلى الخير.. سواء في محيط بيتها أو خارجه.
فقد روى الإمام ابنكثير ردّ المرأة على عمر في المسجد في قضية المهور، ورجوعه إلى رأيها علناً.. وقوله: "أصابت امرأة وأخطأ عمر" رضي الله عنه.. قال الإمام ابن كثير إسنادهاجيد..
ومراجعة عائشة للكثير من الصحابة في فتاويهم واجتهاداتهم واستدراكها علىبعضهم هو من الدعوة التي كانت تقوم بها النساء..
وأبواب الدعوة إلى الخير عندالمرأة الإيجابية كثيرة يحثها إليها قول الخالق عز وجل: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاًمِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ومن أهم مجالات الدعوة، العنايةبدعوة زوجها وأولادها إلى الخير، وسعيها لتطهير بيتها من المنكرات وإشاعة الفضائلوالمكرمات.. وقد كانت بعض نساء السلف يقلن لأزواجهن [اتقوا الله فينا ولا تطعموناالحرام، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
المرأة الإيجابية ملتزمة بشرعالله.. فهو نهج حياتها.. فالله مبدؤها، والله غايتها.. ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِيوَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَلَهُ﴾
.
إن إيجابية المرأة المسلمة تعني المبادرة إلى التطبيق، والمسارعة فيالاستجابة دون تلكؤٍ أو تأخير مهما خالف الأمر رغباتها وأهوائها وما اعتادتعليه
.
تروي لنا عائشة رضي الله عنها كيف استقبلت نساء المهاجرين والأنصار أمرالله لهنَّ بالحجاب والذي يتعلق بتغيير شيء هام في حياة المرأة درجن عليه فيالجاهلية وفي بداية الإسلام أيضاً.
قالت عائشة وقد أجتمع حولها بعض النساء،فذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت: إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل مننساء الأنصار، ولا أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل. لقد أنزلت سورةالنور وليضربن بخمورهن على جيوبهن فأنقلب رجالُهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل اللهإليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وأبنته وأُخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهنامرأة إلا قامت إلى مِرْطها المرّحل – المزخرف – فاعتجرت به – أي شدته على رأسها – تصديقاًوإيماناً بما أنزل الله في كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلممعتجراتٍ كأن على رؤوسهن الغربان.. هذا هو الموقف من أمر طالما اعتدن عليه.. المسارعة إلى التنفيذ.. بفعل ما أمر واجتناب ما نهى بلا تردد، ولا توقف ولا انتظار, لم ينتظرن يوماً أو يومين أو أكثر حتى يشترين أو يخِطْنَ أكسية جديدة تلائم غطاءالرؤوس بل سارعن إلى الالتزام.. بأي كساء وجد.. وأي لون تيسر ما دام فيه طاعة اللهوالتزامٌ بأمره.. فإن لم يوجد الكساء شققن مروطهن وشددنها على رؤوسهن، غير مبالياتبمظهرهن الذي يبدو كأن على رؤوس الغربان – كما وصفت أم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها..
المرأة الإيجابية.. ترفض التبعية، والتقليد للأفكار والمتعلقاتالغربية إذا كانت مخالفة لهدي الإسلام.. فهي متميزة في شخصيتها كتميز دينها الذيتنتمي إليه وتؤمن به بل وكتميز الأمة التي هي فرد منها ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْأُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾.
المرأةالإيجابية.. ابنة وقتها لها في كل وقت وظيفة ومن كل خير سهمٌ وغنيمة.. تعرف أهميةوقتها، وتدرك مسئولياتها عن عمرها، وأنها مسئولة محاسبة عن أيام حياتها [وعمره فيماأبلاه وعن شبابه فيما أفناه.
ولذلك فالإيجابية تستغل وقتها بما يقربها إلىخالقها، وتوظف طاقاتها في خدمة دينها ودعوتها..واستثمار الوقت له صوره الكثيرة منهانشر الخير بين أفراد الأسرة أو المجتمع
.
فقد خلق الله كل إنسان وعنده طاقةوموهبة وأودعه من الملكات والمقدرات الشيء الكثير لكن كثير من الناس من يموت ولميستغل جلّ هذه الطاقات والمواهب.. أو استغلها في غير طاعة..
•
أم عطية – وصفيةطباخات ماهرات..
•
زينب بنت جحش في الخياطة والخرز.
•
عائشة في طلب العلموالفتوى..
عوائق الإيجابية وموهناتها:
1-
الذنوب والمعاصي:
إن أثرهاعظيم على الإنسان في حجبه عن المعالي، والقعود به عن الأعالي.. إنها مجلبةٌ لفتورالهمم ووهن العزائم.. بل صارفةٌ عن الخير صادةٌ عنه.قال بعض السلف: (لا نعرف أحداًحفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب.
2-
ضعف الثقة بالنفس..
"
لا أستطيع" كلمةترددها الكثيرات من النساء عندما تدعوها إلى المعالي إلى بذل الخير إلى أن يكون لهاأثر في بيتها ومجتمعها.. "لا أستطيع"..
3-
عدم الاهتمام بالعلمالشرعي..
4-
عدم الاهتمام بتطوير المهارات..
هناك العديد من النساء عندهنمواهب وقدرات كبيرة لكنها غير مفعّلة نظراً لأنهن لم تتح لهن الفرصة لتطوير هذهالمهارات مثل: الخياطة والتأليف والكتابة، وفن محادثة الناس وفن الديكوروالطبخ..
5- عوائق أسرية..
قد تواجه المرأة بعض المعوقات من داخل أسرتهافيسيطر عليها الإحباط واليأس.
6-
الحياء..
7-
الانشغال بالدنياومتاعها..
تعس عبد الخميلة أو الخميصة.. همها أن يكون فستانها من أجمل الفساتينوأن تجمع أكبر عدد من الحلي والنياشين..
8-
الانفصام عن واقع الأمة..
إنالتي لا تستشعر مصاب المسلمين في أصقاع العالم يضمحل في قلبها الشعور بالمسئوليةتجاههم وتجاه الأمة جميعاً. "ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
تنميةالإيجابية:
1-
الاتصال بالله.. والاستمساك بعروته.. فهي القوة الدافعة لكل خيرالصارفة عن كل شر..
2-
الاتصال بالوسط الإيماني..
3-
استشعارالمسئولية..
- [
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته].
-
أنت مسئولة عن نفسك.. عنعمرك عن شبابك عن علمك عن مالك..
وما أُصبنا بالسلبية والدعة والسكونواللامبالاة إلا عندما قلّ الشعور بالمسئولية عن نعم الله.. ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّيَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم﴾.. نعيم العقل، والبصر, والعيش الرغيد، والمسكنالآمن..
4-
البعد عن سفاسف الأمور.
كلما توسعت المرأة في المباحات ومتعالحياة ضعفت عن أداء الواجبات، وكلما ركنت إلى السفاسف والنزهات كلما قصرت في أداءالأمانات والواجبات بل وضيعت المسئوليات التي أنيطت بها..